شتاء المواطن السوري ملتهب بسبب أسعار المواد الغذائية والوقود المرتفعة

لم تعد مرتبات الموظفين السوريين كافية لشراء الطعام وزد على ذلك الأدوات اللازمة للتدفئة من برد الشتاء القارص

كما هو حال جميع الموظفين حول العالم، يجلس رزق عفيف ليقوم بتسجيل احتياجات منزله التي يجب أن يبتاعها، ولكن لم يدون على الورقة وبقيت جافة وذلك لأن راتبه أصبح غير كافياً لتلبية كل هذه الاحتياجات!

وهو يفكر الآن كيف يبدأ ومن أين وبماذا، وما الأهم وما الذي يمكن التخلي عنه؟

نصف دولار لا أكثر

كان راتبه مناسباً قبل انهيار الليرة السورية وصولاً للحضيض، ولكن اليوم الوضع مغاير عما سبق بشكل جوهري.

يقول المواطن، إنه من الأشهر الأكثر صعوبة في حياته ليس فقط بسبب الأسعار المرتفعة، بل لأنه يحمل معه مصاريف جديدة أساسية غالية الثمن، ويشير فيما يبدو إلى وقود التدفئة في الشتاء. ويضيف رزق أن راتبه البالغ 50 ألف ليرة (15 دولارا) لا يكفي للمأكل والمشرب.

هذا وقد وصل سعر صرف الدولار إلى أكثر من 2700 ليرة، حيث أشار عفيف إلى أن أجره اليومي بات يقدر بنصف دولار أميركي فقط.

وعلقت سلام سفاف وزيرة التنمية الإدارية في الحكومة_ خلال مناقشة خطة الوزارة أمام مجلس الشعب_ أن الحكومة متوجه نحو تحسين حال الأجور من خلال نظام المكافئات والحوافز وليس من خلال إضافة زيادة على الراتب.

وجبة واحدة

قال عفيف أن المواد الغذائية التي تعد شيء رئيسي في حياة أي شخص أو عائلة في العالم وهي حق للجميع، أصبحت بمثابة الكماليات في حياته، حيث قلص عدد الوجبات التي يتناولها هو وعائلته في اليوم الواحد إلى وجبة رئيسية واحدة وهي وجبة الغداء ونادرا ما أن يتناولوأ اللحوم البيضاء أو الحمراء في هذه الوجبة ويعود السبب في ذلك إلى أنه إذا أراد ان يشتري ما يكفي من هذه اللحوم لوجبة واحدة سيضحي بــ 25% من راتبه!!

يرى بعض المراقبين أن الحل أمام ارتفاع الأسعار في سوريا هو زيادة رواتب العاملين (الفرنسية)

وتوضيحا لذلك، أشار عفيف إلى أن سعر كيلو الأرز يصل إلى 4 آلاف ليرة، بالإضافة إلى 8 آلاف ليرة ثمن دجاجة، وألفي ليرة متفرقات من أجل "طبخة" أرز ودجاج متوزعة بين السمن والخضراوات وأمور أخرى.

أما بخصوص فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها، فيقول المواطن إن قيمة فاتورة الكهرباء وحدها قد تصل إلى 10 آلاف ليرة، أي ما يساوي الـــ 20% من الراتب، مع العلم أن سوريا عموما تعيش في تقنين دائم للكهرباء حيث تصل للمواطنين 8 ساعات يوميا فقط، وكذلك تقنين المياه والغاز اللذين لا يتوفران دائما.

أما عن حلول المواطن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، فاعتبر الباحث بالشؤون الاقتصادية يونس الكريم -خلال حديثه مع الجزيرة نت- أن رفع الرواتب هو الحل المتاح، والنظام سيكون مجبرا على فعل هذا وإلا فسيكون أمام مشكلة حقيقية بعد انهيار شعبيته أمام مؤيديه، لأن المواطنين وخصوصا الموظفين يعيشون في فقر مدقع!

وأكد الباحث أن رفع الرواتب لن يكون كافيا أمام المواطن، وسيعتمد على المساعدات الأممية أو الحوالات الأجنبية من الأقارب المهاجرين خارج البلاد.

 الشتاء القارص

لم يصل عريف لما يجب تدوينه في ورقة الاحتياجات الشهرية خصوصا بعدما حل الشتاء، فهو غير قادر على توفير ثلاث وجبات طعام لعائلته فما الحل من الأجول الحصول على الدفء خلال فصل الشتاء القارص الذي طرق الأبواب؟

حيث قال أن سهر لتر الديزل المدعوم من قبل الحكومة يصل إلى 200 ليرة سورية، ويحصل المواطن السوري في الشتاء على 100 لتر من الديزل المدعوم، وهو بذلك بحاجة لشراء باقي الكمية التي يحتاجها بسعر غير مدعوم يصل فيه سعر اللتر الواحد إلى 1000 ليرة سورية.

حيث أنه يقوم باستهلاك 5 لترات يوميا يقدر سعرها ب 5000 ليرة، التي تشكل 10% من الراتب الذي سيضحي به في سبيل الحصول على الدفء لعائلته.

ويشير عفيف إلى أنه سيحتاج شهريا إلى 150 لترا يبلغ سعرها 150 ألف ليرة، أي ما يعادل 300% من الراتب، ولو حاول أن يحصل على طريقة أخرى للتدفئة مثل الحطب فسيكون مضطرا لأن يدفع راتبه مضاعفا 4 مرات كي يحصل على طن واحد قد يكفيه شهرين.

هنا تتمحور المعضلة التي ربطت يداه ومنعته من تدوين الاحتياجات والقيام بحسابها، فهو بين نارين إما الجوع أو البرد، إما الطعام أو الديزل

وهذا الحال ينطبق على باقي الموظفين البسطاء الذين يعيشون هذا الصراع في هذا الوقت من السنة مع وصول الشتاء!

 


Jameel Khudairi

185 Blog posts

Comments